تعد الولادة قبل الأوان أحد المواقف الحرجة التي قد نواجهها
خلال الحمل، سواء بالنسبة للطبيب أوبالنسبة للأم والعائلة، حيث تثور الكثير من
الأسئلة حول قدرة الوافد الجديد على الحياة والعيش بالاعتماد على نفسه فقط. هو
الذي قضى في رحم أمه أقل مما يقضيه أقرانه عادة، وكذا حول إمكانية نجاة المرأة من
براثن الداء الذي كان سببا في أن تدفع بابنها إلى الدنيا قبل أن يحين الموعد لذلك.
ولعل الكل محق في أن يقلق من الولادة قبل الأوان، فهي أول سبب للمراضة والوفاة لدى المواليد الجدد. لذلك فإنها تعتمد كمقياس لتقييم جودة تتبع الحمل والحوامل في بلد ما. ففي فرنسا تمثل الولادة قبل الأوان 5.9 % من مجموع الولادات، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تبلغ نسبة 10.7%. إذ رغم التقدم الحاصل في هذه البقعة من العالم، فإن الولادة قبل الأوان ظلت مستقرة في هذه النسبة العالية لمدة تزيد عن 30 سنة، مما يدل على أن هناك عوامل جديدة تظهر من حين لآخر، فتعاكس منحى الانخفاض الذي يبشر به تحسين أحوال معيشة الناس.
فحتى عندما نجحت فرنسا في التخفيض من هذه الولادات المبكرة بنسبة 50% بين 1970 و1980، عادت هذه النسبة لتتوقف عن هذا التراجع وتتسمر عند عتبة لا تحيد عنها، وذلك بسبب ارتفاع عدد حالات الولادة قبل الأوان الناجمة عن دواعي الاستطباب، وبسبب كثرة الحمل المدعوم طبيا بتقنيات الإنجاب والذي غالبا ما ينتهي بولادات قبل الأوان.
هذا وتتفق إحصائيات جميع البلدان على أن الولادة قبل الأوان تكون تلقائية في 75% من الحالات ومستحثة في 25% الباقية.
ونتحدث عن ولادة قبل الأوان في حالة ولادة تمت قبل الأسبوع 37 من الحمل بحساب مدة الحمل انطلاقا من آخر يوم حدثت فيه العادة الشهرية لدى الحامل. ونكون أمام إجهاض متأخر عندما يلفظ الجنين خارج الرحم قبل الأسبوع 22 من الحمل، وبهذا تكون الولادة قبل الأوان هي كل ولادة تقع بين الأسبوع 37 والأسبوع 22. ولكن إذا كان الحد الأعلى لا يطرح مشكلة بين الدول، فإن الحد أو العتبة الدنيا هي محط اختلاف كبير. فكثير من الدول لا تستطيع تبني عتبة 22 أسبوعا، لأن مستواها الطبي لا يمكنها من مساعدة هذه الفئة من المواليد على العيش. فترفع هذه العتبة إلى 28 أسبوعا. وهكذا سيعد كل من ولد قبل هذه المدة من الحمل إجهاضا، بمعنى أنه لا داعي لإنعاشه. وبهذا ترون كيف يختلف التعريف تبعا لمدى التقدم الطبي والعلمي للبلد.
الأسباب:
هناك عموما 3 أسباب رئيسية للولادة قبل الأوان. أولها التعفنات، سواء كانت تعفنات مهبلية أو كانت تعفنات بولية. وثانيها عدم كفاءة عنق الرحم، الذي لا يستطيع لعب دوره كسداد يمنع تدحرج الحمل للخارج وثالثها تعدد الأجنة كالحمل التوأمي والحمل بثلاثة توائم... إلخ. وهكذا يمكن تصنيف مستحثات الولادة قبل الأوان إلى مجموعتين رئيسيتين:
مجموعة الأسباب التي تعود للأم ونذكر منها: العيوب الخلقية للرحم. كأن يكون هذا الرحم صغيرا ضامرا أو يكون مقسوما من الداخل إلى نصفين من خلال حاجز يخترقه. أو يكون رحما بقرن واحد... الخ. في مثل هذه الحالات تفهمون كيف أن هذا الجنين لا يستقر في رحم فسيح ذي مقاييس عادية. بل لا يجد له متسعا له لكي ينمو ويكبر دون مضايقة. وحين يصبح حجمه غير مناسب لحجم الرحم المعيب الذي يقطنه، فإنه يخرج منه، فيولد قبل الأوان. كذلك عندما تنخفض كفاءة عنق الرحم، فيحجم عن أن يكون قفلا للحمل يمنع خروجه يستطيع هذا الحمل أن يتسلل إلى الخارج وكيف لا يفعل ذلك؟ والباب مفتوح أمامه إما بسبب عيب خلقي في تكوين وبنية عنق الرحم هذا، أو بسبب تمزقه نتيجة ضغط خلال عملية كحت أو علاجات سابقة.
أما السبب الثالث فتمثله التعفنات بشتى أصنافها وألوانها، كأن تعاني المرأة من تعفن المشيمة وسائل النخط المحيط بالجنين جراء إصابتها ببعض البكتريات عقب تمزق مبكر للأغشية، الذي يضع الحمل كله في مواجهة مع ميكروبات الخارج، وأحيانا عبر الدم، دونما حاجة إلى هذا التمزق. كذلك قد تنجم الولادة قبل الأوان عن تعفنات جرثومية تهم المهبل وعنق الرحم أو تعفنات بولية أصابت المثانة أو بلغت لمستوى الكلي. بل تشير الأبحاث اليوم إلى أن مجرد ارتفاع حرارة الجسم يعد في حد ذاته ودون أن يكون بالضرورة ناجما عن إصابة بكتيرية أحد أسباب الولادة قبل الأوان. كما أن الرضح (traumatisme) والعنف قد يستحثان أحيانا تقلصات الرحم ويؤديان إلى تمزق الأغشية، وبالتالي إلى الولادة قبل الأوان. لكن أصابع الاتهام لا تقف عند هذا الحد فقط، ففي السنين الأخيرة بدأنا نركز الانتباه على الدور السلبي المحتمل للتدخين على استمرار الحمل إلى مدته الطبيعية، حيث إن العديد من الدراسات الجادة التي تم نشرها مؤخرا تكاد تجمع على هذه المسألة.
مجموعة الأسباب المتعلقة بالجنين: حيث نجد ضمن هذه المجموعة الحمل متعدد الأجنة، فكلما زاد عدد الأجنة كلما ارتفع احتمال الولادة قبل الأوان. ونرصد كذلك المشيمة المنزاحة، وهي مشيمة تكون في غير موقعها الطبيعي وتتميز بكثرة النزيف، مما يجعلها تقوم بتقديم موعد الولادة، وهناك أيضا ارتفاع منسوب سائل النخط المحيط بالجنين، مما يرفع الضغط داخل الرحم فيرمى بالجنين نحو الخارج قبل الأوان. بالإضافة إلى التمزق المبكر للأغشية المرتبط غالبا ببعض التعفنات والالتهابات.
لكن عددا من حالات الولادة قبل الأوان يتم استحثاتها عن سبق إصرار وترصد من قبل الأطباء لاستخلاص الجنين من رحم لم يعد مفيدا له، كملاحظة تأخر كبير في النمو لديه أو رصد اختلالات في تخطيط نبض القلب عنده تشي بمعاناته أو بخطر داهم يتهدده هو وأمه، كما في حالة الورم الدموي الخلفي للمشيمة، وهو حادث فجائي لا يترك مجالا للتروي أمام الطبيب، حيث يفرض عليه إنجاز الولادة حالا أو القيصرية. ومع ذلك، فإننا لا نتوفق أحيانا كثيرة في تحديد سبب الولادة قبل الأوان. وإن كان تخميننا ينصرف في مثل هذه المواقف إلى الأسباب التعفنية التي قد لا نرصد منشأها. لذلك نعود والحالة هاته إلى البحث في الأسباب الممهدة للولادة قبل الأوان، كأن تكون سن الحامل أقل من 18 سنة أو تفوق 40 سنة، أو يكون مستواها المادي والاجتماعي والثقافي متدنيا، أو نسجل أنها ذات نشاط مهني مرهق للعقل والجسد.
هذه العوامل الأخيرة تختصر لنا إلى أي مدى تمكر البيئة بالحامل فتسير بها دون أن تشعر نحو الولادة قبل الأوان.
التشخيص :
قبل الولادة قبل الأوان، تمر المرأة بمرحلة تهديد بالولادة قبل الأوان. تتميز هذه المرحلة بتقلصات تهم عضلة الرحم، وبتغيرات تظهر على مستوى عنق الرحم كنتيجة لتلك التقلصات.
تظهر التقلصات على شكل نوبتين كل 10 دقائق. وتكون مؤلمة للمرأة ومتواصلة في الزمن. أما تبدلات عنق الرحم فيتم تشخيصها عبر لمسة المهبل، حيث يلاحظ الطبيب انقباض عنق الرحم وتوسعه أحيانا إلى حدود 4 سنتيم. كما يقيم الطبيب رخاوة عنق الرحم من صلابته وكذا موقعه، هل لا يزال خلفيا أم أنه يتوسط المهبل، أم أنه أخذ ينبري للأمام كأي رحم ينوي أن يخذل الجنين الذي يقبع بداخله. كذلك تعاني الحامل من نزيف يكون بكمية متواضعة أو متوسطة مرتبط بالتبدل السريع لعنق الرحم وبتقلصات الرحم التي أشرت لها.
لكن الأدهى من كل هذا هو خروج سائل أبيض عبر المهبل بشكل سافر ومتواصل يشي بتمزق الأغشية وتدفق سائل النخط عبر هذا التمزق.
تتميز هذه الوضعية الأخيرة بجديتها وباحتمال كبير لتعفن المشيمة والولادة قبل الأوان. لكن في بعض الأحيان، لا تكون الصورة على هذه الدرجة من نصاعة الأحداث، فيلجأ الطبيب إلى بعض الاختبارات التي تجزم بتمزق الأغشية التي كانت تنصب سياجا محكما حول الجنين، فتحاصر كل جراثيم الخارج وتمنعها من النفاذ إليه. يكتشف الفحص السريري رحما صلبا لحظة التقلصات التي تدوم حوالي دقيقة. كما يمكن لمس المهبل من تحديد جدية التهديد بالولادة قبل الأوان من خلال تقييم اتساع عنق الرحم.
لكن الفحص بالصدى عبر المهبل يمدنا اليوم بمعلومات على غاية من الأهمية، حيث يمكن من قياس طول عنق الرحم. فنميز بين التهديد الحقيقي للولادة قبل الأوان حين يكون هذا الطول أقل من 25 ملم، وبين التهديد الخاطئ بالولادة قبل الأوان حين يتجاوز نفس الطول 30 ملم. كذلك نبحث إن كانت هناك ثغرة على مستوى الفتحة الداخلية لعنق الرحم. إذ كلما زاد اتساع هذه الثغرة كلما أصبحت الولادة قبل الأوان في حكم اليقين.
كذلك يمكن أن نقيس وجود بعض الأنزيمات بالمهبل ونقيس درجة ووتيرة وقوة تقلصات الرحم لتحديد حجم المشكلة.
لكن هناك أيضا اختبارات تتجه نحو معرفة الأسباب كالبحث عن جراثيم في دم المرأة أو بولها وحساب بعض مؤشرات الالتهاب.
كذلك نفحص الحمل بالصدى بحثا عن بعض الأمراض التي تفسر لنا سبب التهديد بالولادة قبل الأوان، كما نتمكن بهذه الوسيلة من تقييم عمر الجنين للاستعداد بشكل جيد لمرحلة ما بعد الولادة قبل الأوان.
المآل:
هناك عوامل ترهن مصير الطفل المولود قبل الأوان ومدى قابليته للحياة والعيش دون عاهات، وتتجلى في سنه وقت حادث الولادة ووزنه ومدى خلوه من الأمراض التعفنية واحتمال تلقيه للأدوية القشرية قبل الولادة، التي تساعد على التنفس وفتح الرئتين.
وهكذا، فإن هناك مضاعفات تهم العديد من الأعضاء لدى الطفل. فعلى مستوى الرئة قد يعاني المولود قبل الأوان أو الخديج من مصاعب في التنفس، كما أن دماغه يكون معرضا للاختناق، مما يؤدي لإصابات دماغية ولنزيف ولشلل نصفي. كذلك قد تحدث لدى المولود الجديد الخديج مضاعفات على مستوى الجهاز الهضمي، حيث تلتهب الأمعاء الرقيقة والغليظة وقد يقع انسداد في أحد أطرافها. يتم العلاج من خلال خلود المرأة للراحة وإدخالها المستشفى، خصوصا عند بداية المرحلة الحرجة، حيث يسمح للمرأة بالتنقل داخل الغرفة وقضاء بعض الحاجات. كما يتم حقن المرأة الحامل ببعض الأدوية المثبطة للتقلصات الرحمية وإعطاؤها بعض الأدوية القشرية لتنضج الرئتان. وفي حالة ما إذا لم يكن هناك مفر من الولادة قبل الأوان، فإنه يتم نقل الحامل إلى مصحة ولادة من المستوى الثالث. فهناك فقط يمكن أن يتلقى الخديج الرعاية اللازمة إن احتاج إليها.
ولعل الكل محق في أن يقلق من الولادة قبل الأوان، فهي أول سبب للمراضة والوفاة لدى المواليد الجدد. لذلك فإنها تعتمد كمقياس لتقييم جودة تتبع الحمل والحوامل في بلد ما. ففي فرنسا تمثل الولادة قبل الأوان 5.9 % من مجموع الولادات، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تبلغ نسبة 10.7%. إذ رغم التقدم الحاصل في هذه البقعة من العالم، فإن الولادة قبل الأوان ظلت مستقرة في هذه النسبة العالية لمدة تزيد عن 30 سنة، مما يدل على أن هناك عوامل جديدة تظهر من حين لآخر، فتعاكس منحى الانخفاض الذي يبشر به تحسين أحوال معيشة الناس.
فحتى عندما نجحت فرنسا في التخفيض من هذه الولادات المبكرة بنسبة 50% بين 1970 و1980، عادت هذه النسبة لتتوقف عن هذا التراجع وتتسمر عند عتبة لا تحيد عنها، وذلك بسبب ارتفاع عدد حالات الولادة قبل الأوان الناجمة عن دواعي الاستطباب، وبسبب كثرة الحمل المدعوم طبيا بتقنيات الإنجاب والذي غالبا ما ينتهي بولادات قبل الأوان.
هذا وتتفق إحصائيات جميع البلدان على أن الولادة قبل الأوان تكون تلقائية في 75% من الحالات ومستحثة في 25% الباقية.
ونتحدث عن ولادة قبل الأوان في حالة ولادة تمت قبل الأسبوع 37 من الحمل بحساب مدة الحمل انطلاقا من آخر يوم حدثت فيه العادة الشهرية لدى الحامل. ونكون أمام إجهاض متأخر عندما يلفظ الجنين خارج الرحم قبل الأسبوع 22 من الحمل، وبهذا تكون الولادة قبل الأوان هي كل ولادة تقع بين الأسبوع 37 والأسبوع 22. ولكن إذا كان الحد الأعلى لا يطرح مشكلة بين الدول، فإن الحد أو العتبة الدنيا هي محط اختلاف كبير. فكثير من الدول لا تستطيع تبني عتبة 22 أسبوعا، لأن مستواها الطبي لا يمكنها من مساعدة هذه الفئة من المواليد على العيش. فترفع هذه العتبة إلى 28 أسبوعا. وهكذا سيعد كل من ولد قبل هذه المدة من الحمل إجهاضا، بمعنى أنه لا داعي لإنعاشه. وبهذا ترون كيف يختلف التعريف تبعا لمدى التقدم الطبي والعلمي للبلد.
الأسباب:
هناك عموما 3 أسباب رئيسية للولادة قبل الأوان. أولها التعفنات، سواء كانت تعفنات مهبلية أو كانت تعفنات بولية. وثانيها عدم كفاءة عنق الرحم، الذي لا يستطيع لعب دوره كسداد يمنع تدحرج الحمل للخارج وثالثها تعدد الأجنة كالحمل التوأمي والحمل بثلاثة توائم... إلخ. وهكذا يمكن تصنيف مستحثات الولادة قبل الأوان إلى مجموعتين رئيسيتين:
مجموعة الأسباب التي تعود للأم ونذكر منها: العيوب الخلقية للرحم. كأن يكون هذا الرحم صغيرا ضامرا أو يكون مقسوما من الداخل إلى نصفين من خلال حاجز يخترقه. أو يكون رحما بقرن واحد... الخ. في مثل هذه الحالات تفهمون كيف أن هذا الجنين لا يستقر في رحم فسيح ذي مقاييس عادية. بل لا يجد له متسعا له لكي ينمو ويكبر دون مضايقة. وحين يصبح حجمه غير مناسب لحجم الرحم المعيب الذي يقطنه، فإنه يخرج منه، فيولد قبل الأوان. كذلك عندما تنخفض كفاءة عنق الرحم، فيحجم عن أن يكون قفلا للحمل يمنع خروجه يستطيع هذا الحمل أن يتسلل إلى الخارج وكيف لا يفعل ذلك؟ والباب مفتوح أمامه إما بسبب عيب خلقي في تكوين وبنية عنق الرحم هذا، أو بسبب تمزقه نتيجة ضغط خلال عملية كحت أو علاجات سابقة.
أما السبب الثالث فتمثله التعفنات بشتى أصنافها وألوانها، كأن تعاني المرأة من تعفن المشيمة وسائل النخط المحيط بالجنين جراء إصابتها ببعض البكتريات عقب تمزق مبكر للأغشية، الذي يضع الحمل كله في مواجهة مع ميكروبات الخارج، وأحيانا عبر الدم، دونما حاجة إلى هذا التمزق. كذلك قد تنجم الولادة قبل الأوان عن تعفنات جرثومية تهم المهبل وعنق الرحم أو تعفنات بولية أصابت المثانة أو بلغت لمستوى الكلي. بل تشير الأبحاث اليوم إلى أن مجرد ارتفاع حرارة الجسم يعد في حد ذاته ودون أن يكون بالضرورة ناجما عن إصابة بكتيرية أحد أسباب الولادة قبل الأوان. كما أن الرضح (traumatisme) والعنف قد يستحثان أحيانا تقلصات الرحم ويؤديان إلى تمزق الأغشية، وبالتالي إلى الولادة قبل الأوان. لكن أصابع الاتهام لا تقف عند هذا الحد فقط، ففي السنين الأخيرة بدأنا نركز الانتباه على الدور السلبي المحتمل للتدخين على استمرار الحمل إلى مدته الطبيعية، حيث إن العديد من الدراسات الجادة التي تم نشرها مؤخرا تكاد تجمع على هذه المسألة.
مجموعة الأسباب المتعلقة بالجنين: حيث نجد ضمن هذه المجموعة الحمل متعدد الأجنة، فكلما زاد عدد الأجنة كلما ارتفع احتمال الولادة قبل الأوان. ونرصد كذلك المشيمة المنزاحة، وهي مشيمة تكون في غير موقعها الطبيعي وتتميز بكثرة النزيف، مما يجعلها تقوم بتقديم موعد الولادة، وهناك أيضا ارتفاع منسوب سائل النخط المحيط بالجنين، مما يرفع الضغط داخل الرحم فيرمى بالجنين نحو الخارج قبل الأوان. بالإضافة إلى التمزق المبكر للأغشية المرتبط غالبا ببعض التعفنات والالتهابات.
لكن عددا من حالات الولادة قبل الأوان يتم استحثاتها عن سبق إصرار وترصد من قبل الأطباء لاستخلاص الجنين من رحم لم يعد مفيدا له، كملاحظة تأخر كبير في النمو لديه أو رصد اختلالات في تخطيط نبض القلب عنده تشي بمعاناته أو بخطر داهم يتهدده هو وأمه، كما في حالة الورم الدموي الخلفي للمشيمة، وهو حادث فجائي لا يترك مجالا للتروي أمام الطبيب، حيث يفرض عليه إنجاز الولادة حالا أو القيصرية. ومع ذلك، فإننا لا نتوفق أحيانا كثيرة في تحديد سبب الولادة قبل الأوان. وإن كان تخميننا ينصرف في مثل هذه المواقف إلى الأسباب التعفنية التي قد لا نرصد منشأها. لذلك نعود والحالة هاته إلى البحث في الأسباب الممهدة للولادة قبل الأوان، كأن تكون سن الحامل أقل من 18 سنة أو تفوق 40 سنة، أو يكون مستواها المادي والاجتماعي والثقافي متدنيا، أو نسجل أنها ذات نشاط مهني مرهق للعقل والجسد.
هذه العوامل الأخيرة تختصر لنا إلى أي مدى تمكر البيئة بالحامل فتسير بها دون أن تشعر نحو الولادة قبل الأوان.
التشخيص :
قبل الولادة قبل الأوان، تمر المرأة بمرحلة تهديد بالولادة قبل الأوان. تتميز هذه المرحلة بتقلصات تهم عضلة الرحم، وبتغيرات تظهر على مستوى عنق الرحم كنتيجة لتلك التقلصات.
تظهر التقلصات على شكل نوبتين كل 10 دقائق. وتكون مؤلمة للمرأة ومتواصلة في الزمن. أما تبدلات عنق الرحم فيتم تشخيصها عبر لمسة المهبل، حيث يلاحظ الطبيب انقباض عنق الرحم وتوسعه أحيانا إلى حدود 4 سنتيم. كما يقيم الطبيب رخاوة عنق الرحم من صلابته وكذا موقعه، هل لا يزال خلفيا أم أنه يتوسط المهبل، أم أنه أخذ ينبري للأمام كأي رحم ينوي أن يخذل الجنين الذي يقبع بداخله. كذلك تعاني الحامل من نزيف يكون بكمية متواضعة أو متوسطة مرتبط بالتبدل السريع لعنق الرحم وبتقلصات الرحم التي أشرت لها.
لكن الأدهى من كل هذا هو خروج سائل أبيض عبر المهبل بشكل سافر ومتواصل يشي بتمزق الأغشية وتدفق سائل النخط عبر هذا التمزق.
تتميز هذه الوضعية الأخيرة بجديتها وباحتمال كبير لتعفن المشيمة والولادة قبل الأوان. لكن في بعض الأحيان، لا تكون الصورة على هذه الدرجة من نصاعة الأحداث، فيلجأ الطبيب إلى بعض الاختبارات التي تجزم بتمزق الأغشية التي كانت تنصب سياجا محكما حول الجنين، فتحاصر كل جراثيم الخارج وتمنعها من النفاذ إليه. يكتشف الفحص السريري رحما صلبا لحظة التقلصات التي تدوم حوالي دقيقة. كما يمكن لمس المهبل من تحديد جدية التهديد بالولادة قبل الأوان من خلال تقييم اتساع عنق الرحم.
لكن الفحص بالصدى عبر المهبل يمدنا اليوم بمعلومات على غاية من الأهمية، حيث يمكن من قياس طول عنق الرحم. فنميز بين التهديد الحقيقي للولادة قبل الأوان حين يكون هذا الطول أقل من 25 ملم، وبين التهديد الخاطئ بالولادة قبل الأوان حين يتجاوز نفس الطول 30 ملم. كذلك نبحث إن كانت هناك ثغرة على مستوى الفتحة الداخلية لعنق الرحم. إذ كلما زاد اتساع هذه الثغرة كلما أصبحت الولادة قبل الأوان في حكم اليقين.
كذلك يمكن أن نقيس وجود بعض الأنزيمات بالمهبل ونقيس درجة ووتيرة وقوة تقلصات الرحم لتحديد حجم المشكلة.
لكن هناك أيضا اختبارات تتجه نحو معرفة الأسباب كالبحث عن جراثيم في دم المرأة أو بولها وحساب بعض مؤشرات الالتهاب.
كذلك نفحص الحمل بالصدى بحثا عن بعض الأمراض التي تفسر لنا سبب التهديد بالولادة قبل الأوان، كما نتمكن بهذه الوسيلة من تقييم عمر الجنين للاستعداد بشكل جيد لمرحلة ما بعد الولادة قبل الأوان.
المآل:
هناك عوامل ترهن مصير الطفل المولود قبل الأوان ومدى قابليته للحياة والعيش دون عاهات، وتتجلى في سنه وقت حادث الولادة ووزنه ومدى خلوه من الأمراض التعفنية واحتمال تلقيه للأدوية القشرية قبل الولادة، التي تساعد على التنفس وفتح الرئتين.
وهكذا، فإن هناك مضاعفات تهم العديد من الأعضاء لدى الطفل. فعلى مستوى الرئة قد يعاني المولود قبل الأوان أو الخديج من مصاعب في التنفس، كما أن دماغه يكون معرضا للاختناق، مما يؤدي لإصابات دماغية ولنزيف ولشلل نصفي. كذلك قد تحدث لدى المولود الجديد الخديج مضاعفات على مستوى الجهاز الهضمي، حيث تلتهب الأمعاء الرقيقة والغليظة وقد يقع انسداد في أحد أطرافها. يتم العلاج من خلال خلود المرأة للراحة وإدخالها المستشفى، خصوصا عند بداية المرحلة الحرجة، حيث يسمح للمرأة بالتنقل داخل الغرفة وقضاء بعض الحاجات. كما يتم حقن المرأة الحامل ببعض الأدوية المثبطة للتقلصات الرحمية وإعطاؤها بعض الأدوية القشرية لتنضج الرئتان. وفي حالة ما إذا لم يكن هناك مفر من الولادة قبل الأوان، فإنه يتم نقل الحامل إلى مصحة ولادة من المستوى الثالث. فهناك فقط يمكن أن يتلقى الخديج الرعاية اللازمة إن احتاج إليها.
0 commentaires:
إرسال تعليق
لا تبخل علينا بتعليقك، سيساعدنا حتما على التطور
هذه النافذة تفاعلية أيضا، يمكنك طرح أي استفسار حول الموضوع، وسأجيبك في أقرب وقت ممكن