القراءة حماية من الأمراض وعلاج منها، فهي تقوي الصحة وتعزز
من أداء جهاز المناعة، أما الابتعاد عن الكتب وباقي المصادر الثقافية، فيقصر
العمر. هذا ما فتئ يؤكده العلماء وتدعمه الدراسات العلمية الحديثة.
إن الشخص الذي يعشق الكلمة سواء منها المطبوعة أو المرقونة،
ولا يفتر عن النهل من مصادر الثقافة والمعارف المختلفة، خصوصا إن كان متجمعة في مكان واحد، يكون أقل إصابة بالقلق والتوتر وضغط الدم والسكري والقولون وقرحة
المعدة والروماتيزم وغيرها. فإذا أردت العيش لعمر أطول وفي حالة صحية جيدة فحاول
أن تقرأ كثيراً. لكن كيف تحقق القراءة كل ذلك؟
لو عرف الناس الفوائد الصحية للتعامل مع الكتب بمختلف
أنواعها و أشكالها، التقليدية منها أو العصرية من خلال الحاسوب، ما توقف أي إنسان
عن تثقيف ذاته وزيادة معارفه ومعلوماته، ولكن المشكلة أن العمل وجلسات التليفزيون
وجلسات السمر الفارغة تمنعنا من مواصلة الإطلاع على أحدث ما جد في عالم الثقافة
والأدب والفن والعلوم والتكنولوجيا والصحة والرياضة وغيرها..، ففائدة القراءة لا تنحصر
في مدنا بالمعلومات والثقافة العامة فقط ولكنها تؤدي إلى تقوية أجسامنا وارتفاع
مؤشر قدرتها على مقاومة الأمراض.
ما تؤكده الدراسات الحديثة، ومن بينها دراسة أجرتها
جامعة بنسلفانيا الأمريكية على عينة مكونة من 1800 شخص يقرأ نصفهم القصص والروايات
والمراجع المتخصصة بصفة منتظمة بينما لا يهتم النصف الأخر بالقراءة، وحين تم عمل
فحص طبي شامل لهؤلاء الأشخاص، تبين أن الذين لا يقتربون من الكلمة سواء المطبوعة
منها أو المرقونة، يعانون من عدة أمراض مثل ضغط الدم و السكر و السمنة و القولون
العصبي و قرحة المعدة و القلب بالإضافة إلى المتاعب النفسية المختلفة مثل القلق و
التوتر و فصام الشخصية و غيرها، أما هؤلاء الذين يقرؤون فقد كانوا أكثر صحة حيث قلّت
بينهم نسبة الإصابة بهذه الأمراض بصورة واضحة.
المشكلة أنه وبعد مرور عام كامل تم توقيع الكشف الطبي
مرة أخرى على كل أفراد العينة فاكتشف فريق البحث تدهور صحة المجموعة التي لا تقرأ
مع حفاظ أفراد المجموعة الأخرى على قوتهم و ثبات حالتهم الصحية على ما هي عليه.
و بصفة عامة فإن نسبة إصابة الذين يعشقون القراءة
بالأمراض النفسية أقل من 8% بينما تتجاوز 25% بين الأشخاص العاديين، و عندما تقل
نسبة المعاناة بالمرض النفسي تنخفض كذلك احتمالات الإصابة بالأمراض العضوية مثل
الصداع و القرحة و القلب و ضغط الدم فالعلاقة بين النفس و الجسم وثيقة جدا ً فإذا
كانت الأولي سليمة كان الثاني قويا. وهناك حكمة تقول أن العقل السليم في الجسم
السليم. و العكس صحيح أيضا ً فلا يمكن أن يكون الجسد طبيعيا ً و خاليا ً من
الأمراض في وجود عقل صغير و غير سليم لا يقترب من مصادر العلم والثقافة و لا يعترف
بقيمتها في زيادة الذكاء و القدرة على التفكير و التحليل و الفهم و الاستيعاب و
غيرها من القدرات التي تجعل الفرد أكثر نجاحاً وقوة و أقل معاناة من المرض، سواء
منه النفسي أو العضوي.
0 commentaires:
إرسال تعليق
لا تبخل علينا بتعليقك، سيساعدنا حتما على التطور
هذه النافذة تفاعلية أيضا، يمكنك طرح أي استفسار حول الموضوع، وسأجيبك في أقرب وقت ممكن