إن ساعات العمل
الطويلة وانشغالات العائلة ومقابلة الأصدقاء وممارسة الرياضة وكل الواجبات اليومية
المعتادة، تجعل من 24 ساعة في اليوم رقما ضئيلا جدا لا يسعفنا. لكن، إن كان من شيء يجب أن لا
نبخل عليه بكل الوقت المخصص للراحة فهو النوم، لأن النوم شرط لا يناقَش من شروط
الحياة الصحية السليمة.
إن اضطرابات النوم
مشكلة قديمة قدم الإنسانية نفسها، وعدم القدرة على النوم قد تصيب جميع الأشخاص من
جميع الأعمار وفي مختلف الحالات، فطرق العيش الحالية، بسرعتها ومتطلباتها الكثيرة
تجعل الإصابة بالأرق أمرا متزايدا بين الناس، فمن منا لم يمض ليلة من لياليه
متقلبا على فراشه بسبب مشكلة لازمت تفكيره لم تسمح له بالنوم؟!!.
الأرق واحد من مشاكل
النوم الأكثر شيوعا، وحسب دراسات عديدة، فإنه في غضون سنة، قد يصل نسبة السكان
الذين يعانون من الأرق إلى 30%، وخصوصا لدى النساء والأشخاص البالغين، كما أنه
يصيب بعض الأشخاص في سن أصغر بصورة متقطعة.
إضافة إلى ذلك، فإن
الوقت اللازم من النوم يختلف باختلاف أعمارنا، فإذا كان طفلك ينام في المتوسط 20
ساعة خلال سنته الأولى، فإن هذا العدد سينخفض إلى 14 ساعة، ثم يزيد في الانخفاض
إلى سن 25، حينها يمكن اعتبار 8 ساعات من النوم في اليوم كافية لإراحة الجسد
والذهن من تعب اليوم، وسيظل عدد الساعات هذا مستقرا إلى الشيخوخة حيث يمكن
الاكتفاء بأقل من 7 ساعات نوم يومية.
هناك أيضا عوامل أخرى
قد تؤثر على مدة النوم، كدرجة حرارة الجو مثلا. ففي فصل الشتاء نجد صعوبة جمة في
الاستيقاظ من النوم، لكن في الصيف نشعر بأننا لسنا بحاجة للنوم أكثر.
كيفية وتوقيت الأكل
لهما دور فاعل في نوعية النوم، فلأجل التمتع بنوم هانئ يبقى أفضل شيء تناول عشاء
خفيف، إضافة إلى هذا، هناك أدلة على أن النساء بحاجة إلى المزيد من الوقت المخصص
للنوم حين يكون نومهن سطحيا.
يمكننا تعريف الأرق
بأنه عدم القدرة على الحصول على النوم الكافي، حيث يظهر ذلك في عدم القدرة على
بداية النوم، الاستيقاظ قبل الوقت المعتاد، مقدار غير كاف من النوم، أو بكلمات
أخرى، عدم القدرة على النوم في الوقت المطلوب وبالكمية الصحية المطلوبة.
فالأرق هو دائما علامة
من علامات وجود شيء غير عادي في الحياة، ويصيب بشكل أكبر الأشخاص الذين أبانوا عن
ميولات اكتئابية، أو الذين يعانون من مشاكل اقتصادية، أو من مرض خطير، إضافة إلى
التناول المفرط للمشروبات الكحولية، وغيرها من العوامل المرتبطة بزيادة الأرق.
إن عدم القدرة على
النوم، أو ضعف النوم، له تأثير كبير على الحياة اليومية والأنشطة الضرورية خلال
النهار، وبالتالي، فإن نقص النوم أو الراحة بصفة عامة، يمكن أن يترجم إلى عصبية في
المزاج وصعوبة في التواصل مع الآخرين، بل مع الأقربين حتى.
فجميعنا قد مرت بنا
إحدى الأوقات العصيبة، بسبب القلق من شيء معين، أو تحت ضغط عاطفي شديد، لم نستطع
خلال ليال طويلة إغماض عين واحدة وليس اثنين، فالقلق سبب مباشر للأرق، لكن أمراض
أخرى قد تكون السبب في جعل النوم أكثر صعوبة، كما أن لتغير الجدول الزمني، السفر
وكذا الحالات الاستثنائية أو الطارئة دورا في ظهور الأرق، لكن عادة ما ينتهي قبل 3
أسابيع من ذلك.
إذا استمرت حالة الأرق
طويلا فنحن أمام حالة من الأرق المزمن، الذي قد يجلب العديد من المصاعب على
المستوى الصحي، فالاضطرابات الاكتئابية تعد السبب الرئيسي للحالة، بالرغم من وجود
أسباب أخرى أهمها توقف التنفس أثناء النوم، فأشخاص مثل هؤلاء تجدهم منهكين، معكري
المزاج، متوترين ومكتئبين، ومحتاجين إلى المراقبة الطبية والعلاج الأمثل لتحسين
نوعية حياتهم الصعبة جدا.
لا يجب أيضا أن نغفل
عوامل أخرى مثل الضجيج، النور ودرجة حرارة غرفة النوم، كما أن أخذ حمام ساخن قبل
النوم أو كوبا من الحليب الدافئ، يساعد كثيرا على الارتخاء، ويمكن أيضا أخذ شراب
البابونج كمهدئ طبيعي.
لكن، إن لم تستطع
الحصول على النوم المطلوب رغم هذه التدابير الحسنة، عليك بالنهوض والقيام ببعض
النشاط البدني عله يساعدك على الاسترخاء قبل النوم.
عندما يصبح الأرق، أو
عدم القدرة على النوم أمرا مزمنا، قد يكون من الضروري حينها القيام بزيارة طبيب
مختص، فالأرق يعالَج على العموم عبر حبوب منومة أو مهدئات طبية تساعد المريض على
الاسترخاء.
ومع الأخذ بعين
الاعتبار، أن 95% من حالات الأرق هي نتيجة مباشرة لاضطراب عاطفي، يبقى من الأفضل
الجمع بين الأدوية الطبية والمتابعة الطبية النفسية لتوضيح الأسباب من أجل إيجاد
حلول لأصل المشكلة.
نظافة النوم!!
"السرير يجب أن
يكون مكانا فقط للنوم أو للممارسة الجنسية، وليس للقراءة أو للأكل أو للعمل.. هذه
الأنشطة مكانها المكتب أو أي مكان آخر داخل المنزل" هذا رأي الدكتور لويس
روخاس ماركوس، عضو المجلس الطبي لولاية نيويورك الأمريكية.
فمن المهم جدا التهيؤ
جيدا قبل الذهاب إلى الفراش، نصف ساعة على الأقل قبل موعد النوم، عبر ما يسمى
اليوم بـ "نظافة النوم". هذه النقطة مهمة للغاية، ففي معظم
الحالات، إذا قمنا بنظافة النوم بشكل صحيح، فالأرق العرضي سيكون مؤقتا ليس
إلا.
يجب أن نضع في
اعتبارنا بأن الدماغ ليس بآلة، فهو يحتاج إلى الراحة وإلى تغيير نمط عمله من أجل
الحصول على نوم صحي. فمن الضروري الدخول إلى مرحلة عدم النشاط على الأقل لفترة 20
دقيقة، لتسهيل الاسترخاء والحصول على النوم.
ومن أجل ذلك، سيكون من
الأساسي عدم القيام بأي نشاط يتطلب شد الانتباه أو التركيز، كالكتابة، مشاهدة
التلفزيون، تصفح الإنترنت، أو القراءة، لأنها أنشطة محفزة لا تساعد البتة على
الاسترخاء القبلي للنوم، فإذا كان للقراءة ولا بد، فلتكن لكتاب يبعث على الملل قدر
الإمكان.
يجب علينا أيضا تجنب
تناول مواد تجعل من الصعب الحصول على النوم، كشرب الكحول، القهوة، التدخين، أو أن
نذهب مباشرة إلى النوم بعد تناول العشاء.
0 commentaires:
إرسال تعليق
لا تبخل علينا بتعليقك، سيساعدنا حتما على التطور
هذه النافذة تفاعلية أيضا، يمكنك طرح أي استفسار حول الموضوع، وسأجيبك في أقرب وقت ممكن