بالرغم من كون تغيير الشريك قد يحدث لكل الأشخاص وفي كل الأعمار، لكنه يلاحظ بشكل شائع لدى الشباب والمراهقين خاصة.
هذا التغيير المنظم للشريك، يعتبر من علامات الشخصية الغرامية، وقد يعود إلى ظروف مختلفة، كما يكون أحيانا وسيلة متعمدة للتعامل مع هكذا علاقات، في محاولة للفرار من التزامات العلاقة الجادة الثابتة
المراهقة والغرام
ثمة عوامل مختلفة وعديدة تجعل من العلاقة بين الرجل والمرأة في مرحلة المراهقة علاقة غير مستقرة وقصيرة الأمد. فمن ناحية، تقوم العلاقة في هذه المرحلة على الغرام، وينتج عنه افتتان شخص بآخر وتحمسه لإقامة علاقة معه بأي شكل، وحين تتوقف أعراض الافتتان هذا، يكون من المحتمل جدا توقف هذه العلاقة ونهايتها.
الفتيان والفتيات في هذا السن يكونون عاطفيين جدا، لهذا، فمن الطبيعي عندما تبدأ تأثيرات الغرام بشخص ما بالزوال، تظهر شخصية أخرى جديدة لتنتج نفس الأحاسيس، حيث يكون من السهل التحمس من جديد لإقامة علاقة جديدة مع غرام جديد.
في هذه المرحلة، حين يكون الشباب مقبلا على الحياة ومتحمسا لتجريب كل شيء وأي شيء، فهذا الشباب أيضا يرغب باختبار أحاسيسه وأذواقه المفضلة، لذا، يعتبر تغيير الشريك بين الفينة والأخرى علامة طبيعية للسير في اتجاه اكتساب نضج تام لشخصية الفرد.
إن انقطاع العلاقة أو تغيير الشريك في هذه المرحلة الخطيرة من عمر الإنسان، وإن بدا عاديا وطبيعيا، لا يمكن اعتباره بالأمر الهين صحيا ونفسيا، بل قد يكون مؤلما جدا، لأن الغرام في هذا السن يكون شديدا، وبالتالي، تكون القطيعة شديدة مؤلمة أيضا، حيث تنتج أحاسيس من الحزن والاكتئاب والغضب، بل قد تصل إلى الانتقام والعنف.
العلاقات في مرحلة النضج
كما لاحظنا سابقا، فبين المراهقين يكون من الصعب أن تدوم وتصمد أية علاقة عندما تنتهي أحاسيس الغرام والافتتان.
لكن، مع تقدم السن في اتجاه النضج تتغير الأمور، يصبح من السهل الانتقال من حالة الافتتان إلى حالة أخرى من الحب والالتزام، وذلك راجع إلى عوامل كالاستقرار العاطفي ووضوح الأفق المستقبلي للفرد.
ففي مرحلة البلوغ والنضج عادة ما تكون العلاقات أكثر استقرارا، حيث يكون الشخص قد اكتسب شيئا من التجربة لوضع مواصفات موضوعية للبحث عن الشريك المثالي، هذا لا يعني أن الاختيار سيكون صحيحا دائما، لكن ستكون الاحتمالات كبيرة لحصول ذلك خلافا لما كان عليه الأمر في السابق حين كان البحث عن الشريك يعتمدد فقط على الإعجاب والافتتان، فمثلا، سيقوم الشخص بالابتعاد عن أي شخص آخر يخالفه الرغبات والأفكار، أو ذو طبع مخالف أو غير ملائم لطبعه.
ومع ذلك، هناك العديد من الأشخاص الذين لا يستطيعون إقامة علاقات دائمة، ففي أغلب الحالات يتعلق الأمر بالخوف من الالتزام الذي تفرضه العلاقة الجادة. هؤلاء الأشخاص يفرون من الالتزام مخافة فقدان الاستقلال الذاتي، وأيضا مخافة التورط في تحمل المسؤوليات الثقيلة للزواج.
العديد من هؤلاء الأشخاص يريدون الاستمرار في نفس النوع من العلاقات التي كانت لديهم حينما كانوا شبانا مراهقين، رافضين تماما التعامل بما يفرضهم عليهم سنهم "الناضج".
إن التغيير المتتالي للشريك قد يكون أمرا إراديا، كما قد يكون بكل بساطة بسبب تأثير العلاقات الفاشلة في السابق. هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يستطيعون الحصول على علاقة مُرضية ومتزنة، حيث تجده يقطع علاقة ويبدأ بأخرى بشكل متتال، العديد من هؤلاء الأشخاص لديهم تطلعات شخصية غير واقعية، الأمر الذي يجعلهم أكثر تطلبا لدى شركائهم، لكنهم نادرا ما يصلون إلى ما كانوا يتوقعونه عند بداية العلاقة.
التغيرات في المجتمع
في الوقت الراهن ارتفع بشكل جلي عدد الأشخاص المغيرين للشريك/الزوج، إذ تعتبر التغيرات المجتمعية والتطورات الثقافية عوامل حاسمة في تفشي هذا الأمر حاليا خلافا لما كان عليه في الماضي.
ودون الغوص بعيدا في هذا المُعطى، علينا أن نتذكر بأنه قبل عقود قليلة فقط، لم يكن الطلاق ظاهرة مجتمعية كما هو الحال عليه الآن.
المفهوم الاجتماعي تغير أيضا، خصوصا في جانبه المتعلق بالمرأة، فهناك العديد من الأزواج قاوموا بشدة انهيار أسرهم لأن العامل المجتمعي الأسري كان دافعا مهما، فالمرأة فيما قبل لم تكن متحررة مقبلة على تعدد العلاقات كما هو الأمر حاليا، فتغير دور المرأة في المجتمع أيضا أصبح عاملا حاسما كي يُنظر إلى أمورها بشكل مختلف. إن النساء في الأزمنة الماضية كن يقاومن بشدة فظاظة وخيانة أزواجهن، لكنهن كن يتممن العلاقة الزوجية بصمت وصبر دون التفكير في قطع حبل الزواج والبحث عن البديل الأفضل.
0 commentaires:
إرسال تعليق
لا تبخل علينا بتعليقك، سيساعدنا حتما على التطور
هذه النافذة تفاعلية أيضا، يمكنك طرح أي استفسار حول الموضوع، وسأجيبك في أقرب وقت ممكن